هموم الشباب:
إن واقع الشباب في العالم العربي يعاني من جملة أزمات ،
فقد أدت المتغيرات الاجتماعية في العصر الحديث إلى خلل في الأسرة العربية
والإسلامية ، بعد أن غزت الثقافات الوافدة من خارج الإسلام إلى أبناء
الإسلام فأدت إلى بعض التصدعات داخل الأسرة ، الأمر الذي غير من شكل
العلاقات الأسرية والاجتماعية حيث اهتزت بعض القيم والمبادئ لدى الشباب
وظهرت هموم ومشكلات نبرز من أهمها مايلي :
1- الفراغ التربوي :
أصبحت
العلاقات بين الأسرة الواحدة مثل العلاقات بين ساكن فندق وعليه يتحدد
المستوى الاجتماعي رقياً وضعفاً ، مشيراً إلى أن العلاقة بين الأسر
وأعضائها أصبحت علاقة جوار وقتي عند النوم ، وأحياناً عند الطعام ، فمثلاً
توجد علاقة تربط الأبناء بالآباء والأزواج بالزوجات كما رسمها الدين
الإسلامي ، فقد نقلنا عن الغرب كل مايهدد الأسرة المسلمة ، والشباب هم أكثر
فئات المجتمع العربي تأثيراً بالفراغ التربوي مما انعكس على بناهم النفسية
والعقلية وتوجيهاتهم الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والقومية ،
ولعل من مظاهر الفراغ التربوي لدى الشباب .
2- أزمة التعليم مظاهرة الأمية الحضارية :
ويقدر
عدد الطلاب في العالم العربي لكافة المراحل بأكثر من 60 مليون طالب عام
1990م ، وقد يتجاوز العدد 75 مليون ، إن هذا العدد الضخم سلاح ذو حدين فإن
استطعنا أن نحقق تعليماً فعالاً ينسجم مع حاجات المجتمع ويلبي طموحات خطط
التنمية ، ويواكب التغيرات والتطورات العالمية ، فإن كل ذلك سيحدث ثورة
اجتماعية واقتصادية في غضون سنوات محددة ، بشرط أن لا يبقى حال التعليم في
العالم العربي على وضعه الراهن ، فالعالم العربي يعيش تراجعاً مستمراً في
دخله القومي ، ويتوقع له مزيداً من التراجع بسبب عوامل عديدة داخلية
وخارجية ، اذ أن خريجي التعليم على مختلف مستوياتهم سيشكلون مزيداً من
العبء على المجتمع بكامله ، وبدلاً من أن يقودوه إلى الأمام فإنهم سيكونون
قوة كابحة لتقدمه وتطوره وبخاصة فإن عدد خريجي الجامعات يزداد بصورة كبيرة
ويبلغ عدد الجامعات 93 جامعة عدد طلابها أكثر من ربع مليون طالب ، والسؤال
أي المشاريع العربية القادرة على استيعاب هؤلاء وغيرهم من خريجي الثانويات
والمدارس والمعاهد المتوسطة ، إن أهم مايعيق التعليم هو ضعف الإنفاق عليه
في العالم العربي ، حيث لا يتجاوز 30 مليار دولار سنوياً ، لذلك لابد من
إعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق ووضع العملية التعليمية في المراتب
الأولى حتى يصبح للتعليم دلالته القيمية إذا أصبح هو هدف الشباب في ظل
الفراغ التربوي ، هو الحصول على الشهادة ، وبالتالي وبذلك أصبح الأسلوب
السائد هو أسلوب الحفظ والتلقين ، وتغيب النقاش والحوار ، ومن هنا ظهرت
أمية الحضارة إن لم يكن التخلف الحضاري .